الجمعة، 28 يونيو 2013

من آداب زيارة المريض

من حق المسلم على المسلم عيادته إذا مرض، ومما ورد في فضل زيارة المريض قوله صلى الله عليه وسلم:( من عاد مريضاً، لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع) رواه مسلم. وخرفة الجنة هي جناها. فما أعظم هذا الفضل وأجلَّه، ولعيادة المريض آدابٌ منها:
أولاً: تطمينه وتذكيره بالثواب العظيم على المرض الذي ابتلاه الله به، وأنَّه طهورٌ للمؤمن، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل على مريضٍ يعوده يقول:( لا بأس طهورٌ إنْ شاء الله) رواه البخاري. وكذلك يذكر له أنَّ المرض يُذهب الله به الخطايا، عن أمِّ العلاء رضي الله عنها قالت: عادني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريضةٌ، فقال:( أَبْشري يا أمَّ العلاء، فإنَّ مرضَ المسلم يُذهبُ اللهُ به خطاياه كما تُذهبُ النارُ خَبَثَ الذهب والفضة ) صححه الألباني، ويذكِّره بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:( عجباً لأمر المؤمن، إنَّ أمره كلَّه خير، وليس ذاك لأحدٍ إلا للمؤمن، إنْ أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإنْ أصابته ضراء صبر فكان خيراً له) رواه مسلم، فإنَّ في ذلك تأنيساً للمريض وتطميناً له.
ثانياً: الدعاء له بأنْ يشفيه الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( من عاد مريضاً لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرارٍ: أسال الله العظيم رب العرش العظيم أنْ يشفيك إلا عافاه الله من ذلك المرض ) أخرجه الترمذي وقال حديث حسن وصححه الألباني.
ثالثاً: عدم إطالة الزيارة فإنَّ المريض تمرُّ عليه الدقيقة كالساعة؛ لما يجد من ألم مرضه، ولا يغرنَّك صبره وتحمُّله وحسن استقباله لك في أنْ تطيل عليه، فخفِّف خفَّف الله عنك، وارفق به رفق الله بك، وعليك أنْ تختار الوقت المناسب للزيارة بسؤال المريض أو مرافقه، لئلا تعوده في وقتٍ غير مناسب.
رابعاً: إنْ غلب على ظنك أنَّه يحب أنْ ترقيه الرقية الشرعية فلا تتردد في ذلك, أثابك الله. 
خامساً: لا يحسن بالزائر تقطيب الجبين أو البكاء عند المريض؛ لأجل ما حل به من مرض، وأنْ لا يذكر له أحوالاً مشابهةً لمرضه فيها إدخال اليأس من الشفاء.
سادساً: أنْ لا يصف له دواء من الأدوية العشبية المجرَّبة إلا إذا كان الواصف طبيباً حاذقاً، له معرفة بتشخيص حالته المرضية ومعرفة ما يصلح له من تلك الأدوية ومالا يصلح.
سابعاً: على الزائر أنْ يقلل من السؤال للمريض، وأنْ يظهر الاهتمام به، وأنْ لا يوقع اللوم على عليه فيما حلَّ به من مرض، كأن يقول له: ما أصبت بالمرض إلا بسبب غضبك، أو لعدم صبرك، أو لحرصك الزائد، أو لإهمالك نفسك وغيرها.
ثامناً: أنْ يغض الزائر بصره عما لا شأن له به، مما هو متعلقٌ بالمريض.
وختام القول أسأل الله أنْ يشفي مرضى المسلمين جميعاً، وأنْ ينفعنا بما نقول ونسمع.

http://www.alriyadh.com/2013/06/19/article845092.html

الأحد، 16 يونيو 2013

الإجازة الصيفية ما بين مستثمرٍ ومضيِّع


لا يقدِّر فضل الوقت إلا الموفق الذي يعلم أنَّه مسؤول عن عمره فيما أفناه، أفي طاعةٍ أم في معصية؟ وهاهي الإجازة الصيفية للطلاب حطت رحالها، فمن مستثمرٍ لها فيما ينفع في الدنيا والآخرة، ومن مضيِّعٍ وقته بلا فائدة، منهمكٌ في الملهيات لا يكاد ينفكُّ عنها ولا يحزنه إمضاء وقته فيها ولا إتلاف ماله لأجل رغبات نفسه وشهواتها، وقد تجرُّه نفسه الأمَّارة بالسوء بالتفريط في شأن الصلاة، فلا يصليها مع الجماعة في بيوت الله، بل قد يؤخرها عن وقتها، ومن تهاون في أعظم ركنٍ بعد الشهادتين، فلا غرابة أنْ يقصِّر في خدمة والديه، بل قد يصل الحال إلى عقوقهما وقطيعة الرحم، والسهر على ما حرَّم الله… فيغرق في أوحال المعاصي التي تجرُّ بعضها بعضاً، وبعضها مرتبطٌ ببعض، خصوصاً إذا اقترن الطالب بقرناء السوء الذين يأمرونه بفعل المحرمات وترك الطاعات، فيعيش حياة الشقاء والبؤس وتتسابق إليه الهموم والغموم ويضيق صدره، وتسوء أخلاقه، ويتغيَّر سلوكه، فالحذر من ذلك أيها الطالب واحرص على معالي الأمور، ودع عنك أسافلها.
وفي المقابل نرى ثلة من الطلاب -وفقهم الله لما ينفعهم- قد علت هممهم، وقويت عزائمهم في فعل نوافل الطاعات، وطلب العلم الشرعي في المساجد، وفي حضور الدورات العلميَّة المكثفة فيها، وفي التسجيل في البرامج الصيفيَّة في حفظ القرآن الكريم في المساجد، وفي الالتحاق بدورةٍ من الدورات التدريبيَّة في مراكز التدريب المعتمدة في شتى العلوم النافعة بمجالاتها الواسعة كعلوم الحاسب الآلي وغيرها.
إنَّ الطالب الموفق هو الذي ينظِّم وقته بما يملأ به فراغه، فلا تراه يشتكي من الملل وضيق الصدر؛ لأنه أشغل نفسه بما ينفعه وأصبح عضواً فاعلاً في نطاق أسرته ومجتمعه، فجعل من وقته شيئاً لقراءة القرآن الكريم، وشيئاً لقراءة صحيح السنة النبوية، كأن يقرأ في صحيح البخاري ومسلم، ويحفظ منهما حديثاً أو حديثين بصفةٍ يوميَّة، وفي قراءة الكتب التأصيليَّة وحفظ المتون العلميَّة، وفي المشاركة في المناشط الدعوية والأعمال الخيريَّة، أو في مزاولة مشروعٍ تجاري مؤقتٍ ينتفع به، ويصل والديه ما داما على قيد الحياة، ويقضي حاجتهما، ويجتهد في برهما، ولا يُقدِّم عليهما صديقاً، ويصل رحمه، ولا أقلَّ من حضور المناسبات الأسرية، ويصل أصدقاء أبيه أو أمِّه اللذين ماتا، ويساهم في العمل الخيري إمَّا بجهده أو بماله، ويصاحب الأخيار، وذلك بأنْ ينتقي أصحابه كما ينتقي أطيب الثمر، ولا ينسى زيارة أقاربه وعيادة المرضى، وغيرها من فضائل الأعمال، فاحرص أيها الطالب على حفظ وقتك واستغلاله فيما يعود عليك نفعه في دنياك وآخرتك.
كما أنَّ على أولياء أمور الطلاب أنْ يحرصوا على تربية أبنائهم ويكونوا قريبين منهم ويتعرفوا على أصدقائهم الذين يجالسونهم، ويمدوا أيديهم الحانية إليهم ويوجهونهم التوجيه النافع. وأسأل الله أنْ يصلح أبناءنا وبناتنا، ويحفظهم ويوفقهم لفعل الخيرات والعمل بطاعة ربِّ الأرض والسماوات.


الرابط

http://www.alsharq.net.sa/2013/06/10/862820