الأربعاء، 22 مايو 2013

غسيل المخ

عندما كنتُ طفلاً في السادسة من عمري تقريباً كثيراً ما أسمع الناس يقولون: فلانٌ غُسِل مُخُّه فأتساءل كيف يغسل المخ وهو محاطٌ برأس ولا ينفذ إليه شيء؟ كنتُ لا أعلم إلا الغسل الحقيقي لا المجازي، وكثر سؤالي عن كيفية غسل المخ وهل باستطاعة أحد أنْ يغسله بالماء؟ وما هي عواقب ذلك الغسيل؟ ولماذا يغسل المخ وهل يرضى بذلك أحد؟ فأُجبتُ بإجاباتٍ منها أنَّ السفر للدول الغربيَّة طريقٌ لغسيل المخ فسألت هل كل من يسافر إلى هناك يغسل مخه؟ فكانت الإجابة لا. فهم لا يغسلون مُخَّ إلا من أرادوا. وكما هي طبيعة الأطفال في كثرة الأسئلة سألتهم لماذا يفعلون ذلك؟ فكانت الإجابة لأجل أنْ يكون الابن عدواً لأهله وأهل بلده. فاستعظمتُ هذا الأمر، ومازلتُ في حيرةٍ من كيفية غسيل المخ إلى أنْ كبرت فعلمتُ فيما علمت أنه إن من أرادوا التغريب، اغتروا بالغرب وحضارته وتنكروا لبلدانهم وأهاليهم وما هم عليه من خصالٍ حميدةٍ وسير نبيلة، فقلبوا ظهر المجن ونقدوا وانتقدوا ما عليه مجتمعهم من الفضائل والسجايا الحسنة وجلبوا بضاعة الغرب المزجاة في الأخلاق والسلوك وأعرضوا عن بضاعتهم العلميَّة النافعة التي جعلت من دول الغرب دولاً متقدمة فبدل أنْ يجلبوا ما فيه الرقي والتقدم الذي ابتعثوا من أجله جلبوا ما يكون فيه الضعة الدنيوية والبعد عن الله. وهم بذلك قد غُسلت عقولهم غسلاً يضرُّ بهم وببلدانهم وأهلهم، وهذا لا يكون على جميع من سافر إلى الدول الغربية لا. بل هو على ثلةٍ منهم فإنَّ بعضاً ممن درس في الغرب عاد إلى بلاده وخدمها وقدَّم النافع لأمته ولم يتأثر بسلبيات ذلك المجتمع عندما درس هناك، فبارك الله فيه وخدم دينه ووطنه وأهله وتفانى في ذلك وأخلص لله، ومن هنا يتبين كيف كان غسيل المخ بمفهومه الحقيقي الطفولي ومفهومه المجازي الواقعي، ويتبين أيضاً أنَّ تربية الآباء تربية موفقة صحيحة في التحذير من غسيل المخ لخطورته على فلذات أكبادهم فكما أنهم يخافون علينا من الآفات الجسميَّة فهم يخافون أنْ تصيبنا الملوثات العقليَّة التي تغسل المخ فحذرونا منها في طفولتنا لئلا نقع فيها في مراحل دراستنا اللاحقة، فرحمهم الله ورفع درجاتهم في الجنة ورزقنا الله حسن تربية أبنائنا وبناتنا وحفظني الله وإياكم آمين.

http://www.alsharq.net.sa/2012/09/09/478560

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق